تعتبر الزلازل من الأخطار المحدقة بالمباني التي تهدد ملايين البشر على مستوى العالم، والحقيقة أن الناس لا يموتون من الزلازل نفسها وإن من انهيار المباني عليهم نتيجة لهذه الهزات.
في يوليو من العام 2009، شاركت سيمبسون سترونج تاي Simpson Strong-Tie ببحث غير مسبوق لتسليط الضوء على أهمية مقاومة الأبنية للزلازل، وذلك بتنفيذ أكبر اختبار –بالحجم الحقيقي- على مستوى العالم، وذلك بإقامة برج من سبع طوابق- بالحجم الحقيقي- ليتم تعريضه لهزة أرضية بمقدار 7.5 درجة.
تم تطوير البناء لاختبار تقنيات جديدة في التصميم للأبنية متعدد الطوابق المنفذة على نمط الإطارات الخشبية، وذلك بتعريضها لهزات زلزالية عنيفة، الغرض من الاختبار أيضا هو تحسين تقنيات البناء والأمان للمباني الخشبية في الولايات المتحدة.
فهل نجا المبنى من هذه الهزة؟ شاهد الفيديو!
قد لا يكون الحديدُ والزجاجُ موادَ بناء المستقبل! فالمعماريون مدعوون لإعادة التفكير بالخشب وما يحمله من إمكانيات، والشكر موصول لآخر ابتداعات الهندسة الإنشائية. فالدراسة مفتوحة المصدر التي نشرها "مايكل جرين" من ام جي بي أركيتكتشر أند ديزاين قدمت الخشب كبديل إنشائي آمن واقتصادي وصديق للبيئة يمكن أن يدخل في هياكل المباني العالية!
هي بالتأكيد ليست المرة الأولى التي تُقترح فيها مبانٍ خشبية بهذا العلو، فاليابان ما زالت تتباهى بمعابدها ذات التسعة عشر طابقا والتي بنيت قبل 14 قرنا مضت وما زالت صامدة برغم المناخ المشبع بالرطوبة والجغرافية المفعمة بالزلازل. إلا أن جرين يرى أن المسلكيات الحديثة في التعامل مع خشب البناء هندسيا تعني أن الخشب يمكن اعتباره الآن مادة بناء قابلة للحياة والاستمرار على مقياس أوسع بكثير.
تقدم الدراسة تصميما إنشائيا كاملا لناطحة سحاب من 30 طابقا – أطلق على الفكرة اسم "الخشب شاهق الارتفاع"- معدة لمدينة فانكوفر، وتقوم على استخدام ثلاثة منتجات حديثة من خشب البناء: فهناك خشب البناء ذو الشرائح المتصالبة cross-laminated timber ، والمصنوع من طبقات من الخشب متراصة بزوايا تسعينية قائمة، كل طبقة تعاكس التي تليها في الاتجاه. وهناك خشب البناء المركب laminated strand lumber ، والمكون من مصفوفة من رقائق الخشب ذات القطع العشوائي، وأخيرا هناك خشب البناء الرقائقي المركب laminated veneer lumber، المكون من الرقائق الخشبية المنتظمة. والميزات من وراء هذه المنتجات كما يقول التقرير والتي تجعلها تفضل تقنيات الإطارات باستخدام الخشب التقليدي، تتراوح بين المتانة والأداء الإنشائي إلى مقاومة الحريق (والراجع إلى المركبات المختبرة جيدا الداخلة في تصنيع شرائح الخشب) و كذلك العزل الصوتي.
هذه التقنيات قد تمت تجربتها واختبارها على مقياس صغير نسبيا، ولكنه محفز بنفس الوقت، من قبل المعماري أندرو واغ وذلك في عمارة سكنية بارتفاع تسعة طوابق في لندن (الصورة أعلاه)، وتعد هذه البناية حاليا أطول بناء خشبي حديث في العالم. وقد قدم المبنى دليلا واضحا لقدرته على المنافسة التجارية، فقد بيعت شقق البناية التسع والعشرون في تسعين دقيقة فقط!
ولكن ماذا عن الفوائد البيئية؟ يقدر واغ أن هيكل المبنى الخشبي سيخزن ما يزيد عن 186 طنا من الكربون على طول عمر المبنى (*)، وأن 125 طنا إضافيا من ثاني أكسيد الكربون قد تم حفظها خلال عملية الإنشاء بالاستغناء عن طرق البناء التقليدية بالخرسانة. هناك فوائد تتعلق بالكلفة أيضا، كما يرى واغ، فبالرغم من أن الخشب هو أغلى قليلا من الخرسانة كمادة خام، إلا أن الخشب أسرع في التعامل معه والعمل به ويحتاج أساسات أقل عند البناء.
وينظر نيل ساغار – المدير الأول للاستدامة في سكانسكا للمقاولات- بشكل إيجابي لإمكانيات الخشب فهو يرى " أن الخشب يستوفي كل المتطلبات من وجهة نظر الاستدامة، فهو مصدر متجدد، ويمكن إعادة تدويره أواستخدامه أثناء عملية الانتاج، ويمكن إعادة تدويره أو استخدامه في نهاية عمر المبنى، بالإضافة إلى ما يتعلق بالوضوح والشفافية لطرحه كمنتج، وذلك لرعاية كثير من المؤسسات البيئية له كمجلس الإشراف على الغابات FSC، وهيئة تشجيع الإدارة المستدامة للغابات PEFC " (**)
ويضيف ساغار " فإن قدرتنا على تسخير الشجرة بشكل بارع، مصحوبا بممارسات مسئولة تشجع وتحفظ حيوية الغابات، هو البداية لتعديل المسار في مجال البناء الحديث".
المصدر الأصلي للمقال: نشر هذا المقال في مجلة Green Futures
شاهد أيضا:
____________________________________________
(*) ربما يكون الخشب أكثر مادة بناء "خضراء"، فهو مصدر متجدد يقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون طالما ظل ينمو أي قبل قطعه، والذي –أي ثاني أكسيد الكربون- يُحجز في الخشب عندما يتم قطعه ويستخدم كمادة بناء. (Source: TreeHugger)
(**) هنا يجدر التنويه إلى أهمية وجود إدارة مستدامة للغابات تتابع الاستهلاك المتزايد للخشب، فإزالة وتعرية الغابات هي مصدر خطير لتغيرات المناخ الحادة، إن فكرة الاستخدام المتزايد للخشب سيتم تبنيها فقط في حالة وجود وعي ومسئولية بأن يكون حصد الأخشاب مستدام حقا ومتجاوب مع الطبيعة.
(Source: المصدر السابق)
كارل فرانكل_مجلة "جرين فيوتشر"
ترجمة: م. محمد منصور
سيشهد قطاع غزة قريبا بناء ما يقرب من 20 مدرسة "صديقة للبيئة" حيث تكون الإضاءة والطاقة فيها بمصادر طبيعية: من الشمس ومن الطاقة الحرارية الأرضية "جيوثيرمال". والمدارس - التي هي من تصميم المعماري الإيطالي ماريو كوسينيلا ذو الميول المعمارية الخضراء- ستعمل على جمع مياه الأمطار بالإضافة إلى إعادة تدوير المياه العادمة لتقليل الاعتماد على مصادر المياه الشحيحة في المنطقة. ومن الناحية المعمارية فإن المدارس ستشمل بعضا من العناصر الإسلامية التقليدية "كالمشربيات" والتي تستخدم كذلك بغرض التظليل والسماح بالتهوية.
بتكلفة 2 مليون دولارا أمريكيا للمبنى الواحد، فإن الكلفة الإنشائية للمبنى لا تعد رخيصة، إلا أن التكلفة تعد ضمن المعدل المسجل في قطاع غزة – ذلك أن القطاع يشهد ارتفاعا حادا في الأسعار نتيجة للحصار والعزل الاقتصادي المضروب عليه. ستبنى المدرسة الأولى في مدينة خانيونس جنوبي القطاع بتمويل من "الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية" ويتوقع أن يتم الشروع في البناء لاحقا هذا العام حالما توافق السلطات الإسرائيلية على مرور مواد الإنشاء اللازمة. بالإضافة فإنه سيتم العمل على تطوير خطة أكثر شمولية للمدارس الصديقة للبيئة–تشمل تبني خطوط توجيهية بيئية "خضراء" للإنشاء والتحديث- حالما يكتمل المشروع الرائد الأول.
المخطط هو وليد شراكة بين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" (والتي تدعم وتقدم خدمات لللاجئين الفلسطينيين) وبين مكتب كوسينيلا للعمارة ( والذي يقدم خدماته بشكل غير ربحي). يقول يوجو بوت –مدير العلاقات الخارجية والمشاريع في الأونروا- "نحن نملك إيمانا مشتركا بأن التكنولوجيا صديقة البيئة والاقتصاد الموجه بيئيا يمثلان المسار نحو التطوير المستدام في قطاع غزة وما هو أبعد "
ويرى خالد سبعاوي1–مؤسس شركة مينا جيوثيرمال المحلية للطاقة الخضراء- أن هذا النهج وثيق الصلة بالاحتياج الفلسطيني، فالأسعار المحلية للطاقة هي من الأكثر غلاء في المنطقة. "إن معدل النمو السكاني لدينا يقارب 3.9% في غزة و حوالي 2.9% في الضفة الغربية، وبهذا المعدل فإنه بحلول عام 2050 فإن الكثافة السكانية لدينا ستجاوز تلك الموجودة في بنجلاديش. أضف إلى ذلك أن خمسين إلى ستين في المائة من السكان هم دون الخامسة والعشرين، هؤلاء بالتاكيد هم بحاجة إلى مساكن تؤيهم ومدارس يتعلمون بها"، ويضيف سبعاوي أن الاحتلال كان له أثره الخانق على الاقتصاد الفلسطيني الذي غدا معتمدا بشكل رئيسي على برامج المنح الدولية – والتي هي في معظمها بعيدة كل البعد عن قيم الاستدامة. "هم يبحثون عن الحلول الأقل تكلفة بغض النظر عن معدلات استهلاك الطاقة والكلفة البيئية"، وعلى النقيض يرى سبعاوي " أن هذا البرنامج سيدعم استقلال الطاقة وسياعد الجيل الناشئ ليكونوا أكثر وعيا بالطاقة والمفاهيم البيئية".
المشروع يدعم استخدام مواد البناء المتوفرة محليا والنظام الإنشائي البسيط، وتقليل استخدام التكنولوجيا المتطورة الباهظة.
ناتج ثاني أكسيد الكربون من عمليات (التدفئة، التهوية، التكيف) :- 100%
محروقات: صفر، ثاني أكسيد الكربون: صفر، احتياجات المياه: -60%.
التدفئة: 7 kWht / mq y
التبريد: 0 kWhf / mq y
____________________________________
1 شاهد محاضرة خالد سبعاوي في مؤتمر تيد -اكس- رام الله http://www.menageothermal.com/index.php?TemplateId=5&PageId=2&VideoId=5 (المترجم)