الاثنين، 30 يوليو 2012

مباني عالية من الخشب



لورا ديكسون، جرين فيوتشر
ترجمة: م.محمد منصور

قد لا يكون الحديدُ والزجاجُ موادَ بناء المستقبل! فالمعماريون مدعوون لإعادة التفكير بالخشب وما يحمله من إمكانيات، والشكر موصول لآخر ابتداعات الهندسة الإنشائية. فالدراسة مفتوحة المصدر التي نشرها "مايكل جرين" من ام جي بي أركيتكتشر أند ديزاين قدمت الخشب كبديل إنشائي آمن واقتصادي وصديق للبيئة يمكن أن يدخل في هياكل المباني العالية!
هي بالتأكيد ليست المرة الأولى التي تُقترح فيها مبانٍ خشبية بهذا العلو، فاليابان ما زالت تتباهى بمعابدها ذات التسعة عشر طابقا والتي بنيت قبل 14 قرنا مضت وما زالت صامدة برغم المناخ المشبع بالرطوبة والجغرافية المفعمة بالزلازل. إلا أن جرين يرى أن المسلكيات الحديثة في التعامل مع خشب البناء هندسيا تعني أن الخشب يمكن اعتباره الآن مادة بناء قابلة للحياة والاستمرار على مقياس أوسع بكثير.
تقدم الدراسة تصميما إنشائيا كاملا لناطحة سحاب من 30 طابقا – أطلق على الفكرة اسم "الخشب شاهق الارتفاع"- معدة لمدينة فانكوفر، وتقوم على استخدام ثلاثة منتجات حديثة من خشب البناء: فهناك خشب البناء ذو الشرائح المتصالبة cross-laminated timber ، والمصنوع من طبقات من الخشب متراصة بزوايا تسعينية قائمة، كل طبقة تعاكس التي تليها في الاتجاه. وهناك خشب البناء المركب laminated strand lumber ، والمكون من مصفوفة من رقائق الخشب ذات القطع العشوائي، وأخيرا هناك خشب البناء الرقائقي المركب laminated veneer lumber، المكون من الرقائق الخشبية المنتظمة. والميزات من وراء هذه المنتجات كما يقول التقرير والتي تجعلها تفضل تقنيات الإطارات باستخدام الخشب التقليدي، تتراوح بين المتانة والأداء الإنشائي إلى مقاومة الحريق (والراجع إلى المركبات المختبرة جيدا الداخلة في تصنيع شرائح الخشب) و كذلك العزل الصوتي.

هذه التقنيات قد تمت تجربتها واختبارها على مقياس صغير نسبيا، ولكنه محفز بنفس الوقت، من قبل المعماري أندرو واغ وذلك في عمارة سكنية بارتفاع تسعة طوابق في لندن (الصورة أعلاه)، وتعد هذه البناية حاليا أطول بناء خشبي حديث في العالم. وقد قدم المبنى دليلا واضحا لقدرته على المنافسة التجارية، فقد بيعت شقق البناية التسع والعشرون في تسعين دقيقة فقط! ولكن ماذا عن الفوائد البيئية؟ يقدر واغ أن هيكل المبنى الخشبي سيخزن ما يزيد عن 186 طنا من الكربون على طول عمر المبنى (*)، وأن 125 طنا إضافيا من ثاني أكسيد الكربون قد تم حفظها خلال عملية الإنشاء بالاستغناء عن طرق البناء التقليدية بالخرسانة. هناك فوائد تتعلق بالكلفة أيضا، كما يرى واغ، فبالرغم من أن الخشب هو أغلى قليلا من الخرسانة كمادة خام، إلا أن الخشب أسرع في التعامل معه والعمل به ويحتاج أساسات أقل عند البناء.
وينظر نيل ساغار – المدير الأول للاستدامة في سكانسكا للمقاولات- بشكل إيجابي لإمكانيات الخشب فهو يرى " أن الخشب يستوفي كل المتطلبات من وجهة نظر الاستدامة، فهو مصدر متجدد، ويمكن إعادة تدويره أواستخدامه أثناء عملية الانتاج، ويمكن إعادة تدويره أو استخدامه في نهاية عمر المبنى، بالإضافة إلى ما يتعلق بالوضوح والشفافية لطرحه كمنتج، وذلك لرعاية كثير من المؤسسات البيئية له كمجلس الإشراف على الغابات FSC، وهيئة تشجيع الإدارة المستدامة للغابات PEFC " (**)
ويضيف ساغار " فإن قدرتنا على تسخير الشجرة بشكل بارع، مصحوبا بممارسات مسئولة تشجع وتحفظ حيوية الغابات، هو البداية لتعديل المسار في مجال البناء الحديث".


المصدر الأصلي للمقال: نشر هذا المقال في مجلة  Green Futures
شاهد أيضا:

____________________________________________
(*) ربما يكون الخشب أكثر مادة بناء "خضراء"، فهو مصدر متجدد يقوم بامتصاص ثاني أكسيد الكربون طالما ظل ينمو أي قبل قطعه، والذي –أي ثاني أكسيد الكربون- يُحجز في الخشب عندما يتم قطعه ويستخدم كمادة بناء. (Source:  TreeHugger)
(**) هنا يجدر التنويه إلى أهمية وجود إدارة مستدامة للغابات تتابع الاستهلاك المتزايد للخشب، فإزالة وتعرية الغابات هي مصدر خطير لتغيرات المناخ الحادة، إن فكرة الاستخدام المتزايد للخشب سيتم تبنيها فقط في حالة وجود وعي ومسئولية بأن يكون حصد الأخشاب مستدام حقا ومتجاوب مع الطبيعة. (Source: المصدر السابق)